حان الوقت لإعادة النظر بمفهوم الحرية الإعلامية التي نتباهى بها في لبنان والتي دخلت عالم الثرثرة والعهر واصبحت تشكل خطرا على النسيج اللبناني.
يجرّحون بالأحياء ويشرّحون الأموات
ما يشهده هذا الحقل منذ سنوات من فوضى وجفاف مهني واخلاقي واجتياح لكل القوانين والتقاليد والاعراف الوطنية والانسانية والدينية، ليس فيه شيء من معايير الحريّة بل الكثير من الإستحمار الفكري والثرثرة أبطاله هواة، شاءت المحسوبيات الجسدية والاقطاع الاداري أن يجعلوا منهم نجوما يطلّون على لبنان والعالم كمراسلين وقارئي اخبار ومقدمي برامج وكتّاب ومحللين يطلقون العنان لألسنتهم مقابل بدل مادي أو لترجمة مكنوناتهم النفسية، لتصدح أصواتهم من على منابر السلطة الرابعة جهلا وغباء فيضربون بحدّ سيف الجهل المهني كل مفاهيم الحرية واهداف المهنة، يجرّحون بالأحياء ويشرّحون الأموات ويقلقون الوطن.
لم يثبت هذا الاعلام أهليته الوطنية والمهنية
من كارثة الطائرة الاثيوبية الى مخطوفي أعزاز الى العسكريين المخطوفين لدى "النصرة" و"داعش" وصولا الى ضحايا العمل الارهابي الاخير في تركيا وغيرها من الأحداث التي مرّت على لبنان، لم يثبت هذا الاعلام أهليته الوطنية والمهنية حيث كان الارتجال سيد الموقف وساهم في ادخال لبنان خلال كل حدث بدوّامة القلق والتوتر والقلقلة وذلك بسبب غياب المسؤولية والضمير المهني والموضوعية في تناول الحدث من قبل هؤلاء ومفهومهم الخاطئ لمعنى الـ"سكوب الاعلامي".
اولوية العمل في الوسائل الاعلامية لطلاب الاعلام
اليوم يجب ان يتحمّل الجميع المسؤولية لوضع حدّ لكل هذا الترهل في هذا الجسم وهذا التطفل على المهنة والتعاون لاستئصال هذا الوباء وتصحيح الخلل، وعلى وزارة الاعلام دراسة الغاء المجلس الوطني للاعلام ونقابتي المحررين والصحافة، وتشكيل نقابة واحدة للاعلام تكون فاعلة على غرار نقابتي المهندسين والمحامين، على ان يكون المنتسبين اليها حصرا من الاعلاميين المتخرجين من كليات الاعلام في الجامعات اللبنانية العامة والخاصة، وتكون اولوية العمل لاصحاب الكفاءة من هؤلاء فربما نستعيد بذلك البريق الحقيقي للسلطة الرابعة ونرتقي قليلا الى حجم الوطن وقيمه.